عندما يأتى السياح إلى روسيا نادرا ما يغادرون دون أن يحملوا معهم “ماتريوشكا”، بالطبع فهى من بين أشهر الهدايا التذكارية الروسية،إما لتزيين بيوتهم، أو لإهدائها للأصدقاء ،وهم يسألون عنها دائما وعن قصتها والتى تعد مرآة لكل الحقب التي مرت بها البلاد ، فى المقال التالى نتعرف على قصة ماتريوشكا.
ما هى دمية ماتريوشكا ؟
“ماتريوشكا” عبارة عن عروس أو دمية خشبية علي شكل امرأة ريفية ترتدي “سرفان وحجاب”، وهو رداء روسي عبارة عن فستان واسع طويل أحمر اللون ومزخرف ارتدته النساء في روسيا منذ عام 1376 ، وتأخذ الدمية الشكل البيضاوي المسطح، وهي عادة ما تصنع من خشب الزيزافون أو الصندل، ويستخدم الفنانون في زخرفتها الأصباغ والألوان الزيتية والمائية ،وتنقسم الي جزئين علوي وسفلي قابلين للانفصال عن بعضهما وتحوي بداخلها دمي أخري بنفس الشكل ولكن أصغر حجما، تبدأ من ثلاثة قطع حتى 72قطعة.
أصل التسمية “ماتريوشكا”:
كلمة “ماتريوشكا” هى كلمة روسية مشتقة من كلمة “ماتريونا” أو” ماتوشكا” وتعني”السیدة الكبيرة “، أو”الأم”، فقد كانت كلمة ماتريونا شائعًا في روسيا ، فى العصور القديمة
تاريخ ماتريوشكا:
هناك عدة إصدارات لكيفية ظهور فكرة ماتريوشكا، ووفقًا لأشهرهم ، أن زوجة رجل أعمال السيدة “إليزافيتا مامونتوف” زارت اليابان وأحضرت عدة دمى متداخلة مع بعضها البعض في نهاية القرن التاسع عشر، كانت تسمى “فوكورومو “أو آلهة من السعادة، كان لها نفس المفهوم المتمثل في 7 دمى موضوعة داخل بعضها البعض، وهى التى ألهمت الفنان الروسي، والذي صنعها في ورشة لألعاب الأطفال في موسكو، وقيل إنه حاول تصميم ماتريوشكا على غرار دمية “فوكورومو” والتي كانت تصنع في جزيرة هونشو اليابانية على شكل رجل عجوز حكيم وتحتوي في داخلها على سبعة تماثيل مزخرفة تمثل أقرباء فوكورومو أو مجموعة أُخرى من الآلهة اليابانية في ذلك الزمن، وصنعت أول ماتريوشكا في عام 1890 على يد نحات الخشب “فاسيلي زفيوزدوتشكين” والمصمم “سيرجي ماليوتين” ،برعاية رجل الأعمال سافا مامونتوف صاحب فندق متروبول موسكو و راعى الفنانين.
في عام 1900 ، تم عرض ماتريوشكا في المعرض العالمي في باريس ، حيث مُنحت ميدالية برونزية، بعد ذلك أصبحت دمى التعشيش ماتريوشكا شائعة في روسيا، تم صنعها في ورش الحرف اليدوية في مدينة سيرجيف بوساد، بمرور الوقت ، بدأ نحت أشياء أخرى هناك ، تم استثمار أجزاء منها في بعضها البعض ، على سبيل المثال ، بيض عيد الفصح الخشبي، كما تم تزيينها بلوحات جدارية منمقة كفن روسي قديم.
يتم إعداد الخشب للماتريوشكا في فصل الربيع ليجفف طيلة سنة أو سنتين، ويتعرض كل قالب للماتريوشكا لأكثر من 10 عمليات، ويتم أولا صنع أصغر دمية غير منفصلة، وفي ختام العملية يتم طلاء كل دمية بالورنيش، ثم يبدأ الفنان بزخرفتها مستعملا الأصباغ الزيتية والمائية على حد سواء.
في عام 1909 ، في الذكرى المئوية لميلاد للكاتب نيكولاي غوغول، ابتكروا سلسلة من دمى التعشيش ماتريوشكا بناءً على أعمال الكاتب قصة “تاراس بولبا” ومسرحية “المفتش الحكومي”.
وفي عام 1912 ، في ذكرى الحرب الوطنية لعام 1812 والانتصار على الغزاة، تم إنتاج دمى مع نابليون والقائد كوتوزوف. تم وضع الجنرالات الروس والفرنسيين والجنود من جيوشهم في كل لعبة.
في العهد السوفياتي لم يتوقف لم تتوقف صناعة ماتريوشكا ففى عام 1918 ، تم إنشاء متحف للألعاب في موسكو ، حيث تم افتتاح ورشة لتصنيع هذه الدمى سرعان ما انتقل المتحف إلى مدينة سيرجيف بوساد (في العهد السوفياتي – زاغورسك) ، حيث يقع الآن، في عام 1959 ، تم تصنيع ماتريوشكا تتسع لـ 42 قطعة في معهد زاغورسك للألعاب العلمية والتجريبية، كل تمثال يرمز إلى عام واحد من القوة السوفيتية.
أكبر دمى ماتريوشكا صنعت عام 1970 وعُرِضت في معرض فني في اليابان وتحتوي 72 دمية متداخلة بقيمة 3 آلاف روبل وفي الوقت الحاضر بدأت الماتريوشكا تأخذ أشكال جديدة مبتكرة بالإختلاف عن الشكل التقليدي للمرأة الروسية، حيث ظهرت دمي بأشكال طبيعية، وأخري بأشكال أسطورية، وثالثة لشخصيات سياسية روسية ، مثل لينين وستالين وبريجنيف، جورباتشوف ومنها دمية للرئيس الروسي نفسه بوتين ورئيس وزرائه السابق ميدفيديف.
هذه الدمى الخشبية المتداخلة تشكل منذ أكثر من قرن مرآة لكل الحقب التي مرت بها البلاد وتستمر في ذلك في متاجر التذكارات السياحية فهناك الفلاحات الباسمات في أيام القياصرة والعمال ورواد الفضاء في الحقبة السوفياتية ولينين وستالين وفلاديمير بوتين وحتى الرؤساء الامريكان وترامب أوباما ،جورج بوش، ولاعبى كرة القدم الشهيرين مثل محمد صلاح.
روسيا فور آراب 