جرس القيصر أو”تسار كولوكول” كما يطلق عليه بالروسية هو أكبر جرس في العالم، تم تثبيته في ميدان إيفانوفسكايا في الكرملين، تم صبه من من الحديد البرونز، تضرر جرس القيصر في أثناء أحد الحرائق التى تعرضت لها موسكو فى عام 1701 قبل أن يتم تعليقه بنجاح بعد اكتماله، وظل مستلقيًا فى حفرة صبه لما يقرب من مائة عام ، بينما انفصلت عنه قطعة تزن 11.5 طنًا، ولم يتم قرعه مطلقًا طوال فترة وجوده،ويعتبر جرس القيصر “تسارسكي كولوكول” في الكرملين عملاً فريدًا لفن السبك الروسي في القرنين السابع عشر والثامن عشر، ونصب تاريخي مهيب.له تاريخ طويل وحكايات مثيرة نتعرف عليها فى السطور التالية
مواصفاته:
يزن الجرس 202 طن، ويبلغ ارتفاعه 6.14 مترًا، وقطره 6.6 مترًا،تزن القطعة المكسورة منه 11.5 طنّاً، تم تزيين الجرس بصور باروكية لملائكة، ونباتات وميداليات بيضاوية مع القديسين، وصور بالحجم الطبيعي للإمبراطورة آنا يوانوفنا إمبراطورة روسيا خلال الفترة(1730- 1740)،والقيصرأليكسي ميخائيلوفيتش رومانوف (1645- 1676) والد الامبراطور بيتر المعظم وجد الامبراطورة آنا .
تاريخ دخول الأجراس إلى روسيا :
دخلت الأجراس تدريجياً للأراضى الروسية فى القرن العاشر بعد إعتناق روسيا للديانة المسيحية المذهب الأرثوذكسي، وكان لها وظائف عدّة مثل : دعوة الناس إلى الصلاة كما هي الحال في معظم الكنائس الشرقية والغربية، بالإضافة إلى التحذير من حريق، أو هجوم للأعداء، علاوة على كونها أنها كانت هى وسيلة للتواصل الاجتماعي للإعلان عن الاحتفالات الهامة ، وتختلف الأجراس الروسية عن الأجراس الغربية في نسبة ارتفاعها إلى عرضها، وطريقة تغيير سماكة جدران الجرس،كما يتبع تصميمًا مختلفًا عن ذلك المستخدم في الغرب ، كذلك هو نوع هام من الفنون الروسية وصل إلى ذروته في القرن الثامن عشر بإنتاج أجراس ضخمة بشكل لا يمكن تصوره. أحد هذه الأجراس هو جرس القيصر أو”تسارسكي كولوكول” والذى يرجع تاريخه إلى عام 1600 .

جرس القيصر الأول:
تاريخ إنشاء جرس القيصر “تسار كولوكول” طويل جدًا بدأ في عام 1600 بناءً على أوامر من القيصر بوريس جودونوف ، قام الحرفى الروسي “إيفان تشوخوف” بصب جرس ضخم ، كانت كتلته حوالي 40 طنًا تم تثبيته على برج إيفان العظيم، وتطلب 24 رجلاً لقرع مصفقه ،ولكن بعد فترة تضرر المبنى في حريق، وسقط الجرس وتحطم إلى أشلاء.
جرس القيصر الثانى:
عندما تولى القيصر أليكسي ميخائيلوفيتش رومانوف رغب أيضًا في الحصول على جرس عملاق غير عادي تحت تصرفه، تم جمع بقايا الحلقة السابقة وأضيف المزيد من المعدن وتم صب الجرس مرة أخرى في عام 1652، الذي بلغ قطره أكثر من 5 أمتار وكان يزن حوالي 130 طنًا ، كان مبدعو الجرس الجديد هم الأب والابن دانيلوف، استمرت هذه الحالة لمدة عامين فقط و تم تدميره مرة أخرى فى حريق عام 1701 عندما دمرت جميع مباني الكرملين الخشبية .
جرس القيصر الثالث:

بعد أن أصبحت آنا يوانوفنا إمبراطورة على عرش روسيا، أمرت بإلقاء القطع في جرس جديد مع زيادة وزنه بمقدار مائة طن أخرى،تم إسناد هذه المهمة إلى أساتذة المسابك المحليين” إيفان موتورين وابنه ميخائيل”، تم حفر حفرة كبيرة بعمق 10 أمتار بالقرب من موقع الجرس الحالي ،وتم تجهيزها بسقالات خشبية مع جدران مدعمة بأرض صخرية لتحمل ضغط المعدن المنصهر فبالإضافة إلى أجزاء الجرس القديم، تمت إضافة 525 كيلوجرامًا إضافيًا من الفضة و 72 كيلوجرامًا من الذهب إلى الخليط، وبدأ العمل في صهر المعدن في غضون 36 ساعة ، وتم سكبه بسرعة ، بعد ساعة و 12 دقيقة تم ملء القالب، تم وضع الجرس النهائي على أهبة الاستعداد التام 1737،تمت إضافة الزخارف بينما كان الجرس يبرد ،تم رفعه فوق حفرة الصب، لكن اندلع حريق كبير في الكرملين في نفس العام، وامتد الحريق إلى هيكل الدعم الخشبي المؤقت للجرس، وخوفًا من الضرر، ألقى الحراس الماء البارد عليه، مما تسبب في إحداث شق كبير تعرض للكسر لاحقاً ، وسقط الجرس في حفرة الصب، ظل جرس القيصر في حفرته لمدة قرناً من الزمن .

جرت محاولات فاشلة لرفعه كان أحدها تلك المحاولة من نابليون بونابرت أثناء غزوه لروسيا عام 1812 لروسيا، لكنه لم يتمكن من القيام بذلك، نظرًا الكبير ووزنه الثقيل بالإضافة إلى وجوده فى حفرة الصب،و أخيرًا تم رفعه بنجاح في صيف عام 1836 من قبل المهندس المعماري الفرنسي “أوغست دي مونتفيراند” ووضعه على قاعدة حجرية ونُصب على قاعدة مصنوعة خصيصًا، حيث لا تزال قائمة حتى يومنا هذا .
لقد مر الكثير من الوقت منذ تثبيت جرس القيصر أو” تسار كولوكول” على أراضي الكرملين ، لكنه سيظل دائمًا أحد الأصول التاريخية في فن السبك الروسي في القرنين السابع عشر والثامن عشر.
One comment