قصر باشكوف في موسكو من المعالم السياحية الهامة فى قلب العاصمة موسكو على تل فاجانكوفسكي، مباشرة أمام الكرملين وأبراجه، وهو مبنى يثير دهشة أهل موسكو و السائحين أيضاً ، وتدور حوله الكثير من الألغاز والقصص و يُعجب به جميع خبراء فن العمارة، ليس فقط بجماله الفريد، ولكن أيضا للتوازن المثالي والكمال لجميع الأجزاء في هيكل واحد. قصر بشكوف كان أول مبنى في موسكو يمكن أن يرى أبراج ومباني الكرملين ليس من الأسفل بل من الأعلى من نوافذه وشرفاته الجميلة، صممه المهندس المعماري الروسي “فاسيلي باجينوف” ،وبناه فى عامين فقط 1784 – 1786م، وبفضل موهبته الفنية تمكن من تجاوز العديد من المهندسين المعماريين الذين كانوا مشهورين في ذلك الوقت حتى وصل إلى عضو مجلس الدولة وكبير المهندسين.

دراما حقيقية لأفضل مهندس معماري روسي:
مرّ المهندس العبقرى بوقت عصيب بعد أن رفضت الإمبراطورة كاثرين الثانية تصميمه لقصر تساريتسينو فى جنوب العاصمة موسكو وإعادة تفكيكه، وربما كان هذا هو الدافع الذى جعله يبدع فى بناء قصر بشكوف بعد أن أمضى باجينوف عشر سنوات من حياته عاطلاً عن العمل، والذي كان بمثابة دراما حقيقية لأفضل مهندس معماري روسي، وفي هذا الوقت العصيب، جاء إليه رجل غني في موسكو من عائلة نبيلة من أغنى أغنياء الامبراطورية الروسية، يدعى “بيتر إيجوروفيتش باشكوف” أغنى مالك للأراضي فى ذلك الزمن نجل الحاكم العام لمقاطعة أستراخان ، مع اقتراح لبناء منزل على تل فاجانكوفسكي، ولكن ليس منزل عادى ولكن قصر مبُهر، ووافق باجينوف دون تردد، لإحتياجه الشديد إلى المال لسداد الديون، وكانت الفكرة نفسها تبدو مغرية.

عبقرية باجينوف:
بعد رؤية المواقع، قام على الفور بتقييم أهميته للتكوين المستقبلي، حيث رأى الفرصة لربط قصر بشكوف المستقبلي مع صورة ظلية للكرملين حتى إندمج المنزل في بانوراما واحدة، وتم إدراكه في الفضاء كجزء من بنية قديمة، وهنا كانت عبقرية باجينوف، بدا أنه رفع المبنى إلى قاعدة، حيث أصبح التقاءه مع التل أكثر ليونة وأكثر طبيعية ،ومع ذلك فإن المكان المرتفع لم يمنح فقط ميزة رؤيته من جميع الجهات ولكنه يبدو صورة ظلية مثالية والأهم من ذلك يمكن أن يكون المبنى مرتبطاً بالمكان مع براعة فنية متأصلة فيه، تمكن المهندس المعماري من ربط القصر بمدى المدينة، إلى قمة أبراج الكرملين وتل فاجنكوفسكي. لا يمكن أن تكون الأعمدة أكثر أو أقل، النوافذ ليست أوسع أو أضيق، ولكن فقط كما أنشأها باجينوف بقدرة على الإحساس بالهندسة ووئام، بما يتناسب مع البيئة الطبيعية، ظهرت العظمة الحقيقية للمهندس المعماري.

القلعة الساحرة :
يتكون القصر من ثلاثة أجزاء معمارية صغيرة الحجم: المبنى المركزي والأجنحة الجانبية، لا يقع المدخل على جانب الواجهة الرئيسية، ولكن في الزقاق.
جذبت القلعة الساحرة على الفور العديد من الناس، بما في ذلك الأجانب، وأصبحت واحدة من المعالم السياحية الرئيسية في موسكو في أمسيات الصيف، يمكن للجمهور الإعجاب بهيكل مضاء بعشرات الفوانيس، كما كانت تطفو فوق المدينة خلال النهار تلمع بشكل احتفالي، وانزلقت الظلال الزرقاء بين الأعمدة، واستجاب حجر أبيض لحالة الطبيعة عند الغروب، تحول إلى اللون الأزرق، بزوغ الفجر، وعند الظهر كان أبيض نقي كما لو كان شفافًا.
ويعتقد العديد من النقاد الأدبيين أنه على سطح قصر بشكوف المطل على موسكو بأكملها التقى أبطال رواية المعلم ومارجريتا للروائى ميخائيل بولغاكوف : فولند الشيطان و برليوز (ميشا برليوز) .
مع تغيير العديد من أصحاب قصر بشكوف وإجراء بعض التعديلات للحفاظ على المبنى ظهرت الأساطير، خصوصاً مع إكتشاف كهوف غامضة وكهوف تحت الأرض، ويتوقع بعض علماء الآثار أن به ما يسمى بمكتبة إيفان الرهيب الأسطورية، و ثروة الأميرة البيزنطية صوفيا باليولوج زوجة أمير موسكو المعظم إيفان الثالث و جدة إيفان الرابع الرهيب.
فى قصر بشكوف تم تخصيص غرفة للزوار الذين يدخنون، شيئًا يثير الإعجاب به ، غرفة التدخين في المبنى فريدة من نوعها، يمكن الاستمتاع بصور مدخنين مشهورين ستالين وكينيدي وخروتشوف والعديد من الشخصيات التاريخية والمشاهير.

محطات تاريخية هامة:
- خلال غزو نابليون، تعرض القصر للضرر الشديد ولكن تم ترميمه في 1815- 1818.
- و في عام 1839 تم شراء المنزل من ورثة باشكوف من قبل وزارة الخزانة لحساب جامعة موسكو لتخزين مجموعات المخطوطات وكتب وأطلق على المبنى مكتبة “روميانتسيف” .
- بعد ثورة أكتوبرتم تسليم أكثر من أربعمائة مكتبة شخصية، إلى السلطات ، لذلك انتقل متحف روميانتسيف وتم تسليم المبنى لمكتبة لينين السوفيتية (مكتبة الدولة الروسية الآن).
- وبعد عام 1921 خصص لقسم المخطوطات النادرة في المكتبة الوطنية الروسية (مكتبة لينين).
- وحدث التغيير الأخير في مظهر منزل “باشكوف” خلال إحدى إصلاحات الثمانينيات، عندما تم إزالة شعار سلاح الاتحاد السوفييتي من الواجهة.
- في عام 1986، وخلال بناء محطة مترو بورافيتيسكى، انهار أساس منزل باشكوف، تصدعت سقوفه وكان المبنى على وشك التدمير حتى عام 2007، كان المنزل تحت التجديد .

وحاليا يدخل قصر بشكوف ضمن مجمع المكتبة الوطنية الروسية، ويوجد ثلاثة أقسام للمكتبة – قسم المخطوطات، قسم الطبعات الموسيقية والتسجيلات الصوتية، قسم رسم الخرائط وفي القاعة الرئيسية (مركز الثقافة والمعارض)، تقام المؤتمرات الدولية، وأيام الافتتاح، وعروض الكتب، وحفلات الجوائز الأدبية بانتظام.