بارك زاريادي أحد عجائب العاصمة موسكو

تُعد “بارك زاريادي” من أحدث الحدائق العامة التى تم إفتتاحها عام2017 فى وسط العاصمة الروسية موسكو، وأكثرها شهرة فى روسيا،فضلا عن شهرتها العالمية،فقد ضمتها مجلة “تايمز” إلى قائمة أفضل 100 مكان في العالم عام 2018، وهي المرة الأولى التي تصدر فيها المجلة مثل تلك القائمة،وتختار أفضل مواقع في العالم بناء على معايير محددة،وهى وجهة مفضلة لأهل موسكو،و يحرص على زيارتها كل زوار موسكو سواء كانت الزيارة للسياحة أو للعمل،فإنها حقاً واحة خضراء على مساحة 120 الف مترمربع،تتميز بموقعها الفريد فى المركز التاريخى لموسكو،شرق الكرملين بين شارع فارفاركا ونهرموسكو،ولها إطلالات رائعة على الكرملين والساحة الحمراء،و تم الإفتتاح بحضور الرئيس بوتين وسيرجي سوبيانين عمدة موسكو والذى تزامن مع إحتفالات موسكو بمرور 870 عاماً عليها.

نبذه تاريخية :

ترجع أصل تسمية الحديقة إلى كلمة روسية “زا-ريادامي”، أى المنطقة الواقعة خلف الصفوف، صفوف المحال التجارية والتي إنتشرت وسط موسكو منذ القرن الخامس عشر،ثم تحولت إلى منطقة يقطنها كبار التجار والنبلاء، ومكان لأقدم سفارة أجنبية فى روسيا (السفارة الإنجليزية)،ومقراً لإقامة عائلة القيصر ميخائيل رومانوف أول القياصرة لتلك العائلة على عرش روسيا، كما ظهرت بعض الكنائس التي بقي معظمها حتى يومنا هذا شاهداً على تاريخ المنطقة، ووفقاً للحفريات الأثرية، نشأت هنا أول مستوطنة في هذا المكان بين القرنين الثاني عشر والثالث عشر، ويعود الفضل لتنشيط المنطقة تجارياً حينها إلى ذلك الميناء القريب الذى أقيم على نهر موسكو، ولم يتراجع الاهتمام بتلك المنطقة على مر العصور، ففي عام 1969 ونظرا لقربها من الكرملين إفتتح عليها الفندق الأسطورى “روسيا” أكبر فندق في أوربا فى ذلك الوقت، ولكن في القرن الحادي والعشرين، أصبحت معظم الغرف به متداعية بشكل كبير،لذلك تم هدمه فى عام 2014، وبعد مرور فترة من الزمن، تم الإعلان عن مسابقة شاركت فيها عشرات مكاتب التصميم الهندسي من روسيا ودول العالم المختلفة، ووقع الاختيارعلى تصميم قدمته شركة أميركية من نيويورك تحت إشرف كبير المهندسين المعماريين في موسكو سيرجي كوزنتسوف، إعتمدت فكرة المشروع على مفهوم حديث للحدائق العامة على أساس مبدأ التمدن الطبيعي، والذي سمح بدمج الحديقة بسلاسة في المركز التاريخي لموسكو، والمناطق الأثرية في المناظر الطبيعية الخضراء.

تصميم عصرى:

ونجح المهندسون في دمج المناظر الطبيعية المحيطة بإنسجام مع الهندسة المعمارية للمعالم الأثرية والمبانى الحديثة التي تم إنشاؤها بارك زاريادي، وإهتموا بأدق التفاصيل، فقد تم رصف مساحة 32 ألف مترمربع ببلاط الجرانيت الزخرفي مثمن الأضلاع، ووضعوا فيها 460 مصباح كشاف على 180عمود إنارة، بما فيها نوع من الإضاءة الحديثة بألوان مختلفة وكثافة توهج مختلفة أيضاً، مما أضفى جمالاً ورونقاً على طول المسارات التى بلغ طولها 8 كيلومترات، والتي تبدو وكأنها تشق طريقها بصريًا إلى الضوء من الأرض.

تم تصميم بارك زاريادي بحيث تعكس التنوع الطبيعي للمناطق المناخية والمناظر الطبيعية الرئيسية الأربعة في روسيا: التندرا، السهوب، الغابات، المروج المغمورة ، والتى تنحدرمن الشمال الشرقي للحديقة باتجاه الجنوب الغربي، تم تمثيل كل منطقة بأشجارها وشجيراتها وأزهارها المميزة،تمت زراعة 760 شجرة كبيرة الحجم من مختلف الأنواع كالبتولا، الصنوبر، الراتينجية، الزيزفون، القيقب، البلوط، وأكثر من 7000 شجيرة، و 860 ألف نبتة معمرة، و 150 شجرة سنوية في الحديقة،و تبلغ مساحة المساحات الخضراء في الحديقة 62 ألف متر مربع.

الجسرالمعلق بطول 70 متر وعلى إرتفاع15 متر،

وتنفرد بارك زاريادي، كواحدة من أكبرالحدائق العامة، بالعديد من المرافق التي تمت إضافتها أثناءعمليات الإنشاء بطريقة مبتكرة، ففى قلب الحديقة ظهرالجسرالمعلق بطول 70 متر وعلى إرتفاع15 متر،والذى يُعد واحدًا من أفضل منصات المشاهدة في العاصمة فوق نهر موسكو، حيث يمكن مشاهدة مركز موسكو بالكامل مع أبراج وأسوار الكرملين والقباب الذهبية للكنائس، وناطحات السحاب موسكو سيتى، وكاتدرائية المسيح المخلص من فوقه فى آن واحد.

وبالإضافة إلى المدرج المفتوح الذي يتسع لـ 2500 شخص،والمغطى نصفه بقبة زجاجية كبيرة نصف شفافة، مما يتيح فرصة للإسترخاء والإستمتاع بالمناظرالطبييعية المحيطة، كذلك يمكن مشاهدة الفعاليات الفنية التى تقام على خشبة مسرحه خلال فترة الصيف، أيضاً تضم الحديقة قاعة الحفلات الموسيقية من أجل إقامة الحفلات والمهرجانات والعروض الموسيقية الشتوية.

إبتكاراً آخر يعطى الشعور بأجواء البرد فى الصيف، حيث يوجد كهف جليدي يمكن زيارته والمشي على الثلوج بداخله

ومن بين وسائل الترفيه الموجودة فى الحديقة يوجد المركز الإعلامي، والذى يحتوى على مركزاً للمعلومات وقاعة تعليمية،وبعض الكافيهات،وقاعة عرض سينما4D والتى يمكن الدخول إليها والإستمتاع بتجربة التحليق فوق روسيا، حيث يطير المتفرجون لعدة دقائق فوق روسيا، بدءًا من كامتشاتكا وانتهاءً بكالينينغراد.