المكتبة الوطنية الروسية هى الأكبر بين مثيلاتها في أوروبا والثانية في العالم بعد مكتبة الكونجرس الأمريكي، تقع على مقربة من شارع أرباط وسط العاصمة موسكو، مبنى من أبهى وأجمل الأبنية القديمة في موسكو، ينتصب شاهدا على عصره، مؤرخا لتفاصيل أحداث عظام عصفت ببلاده وتعدتها لتترك بصماتها الجلية على مجمل التاريخ الإنساني بدءاً من الإمبراطورية القيصرية، مرورا بالدولة السوفييتية وصولا إلى أيامنا هذه، تتكون من ستة طوابق اثنان منهما تحت الأرض، و أربعة فوق الأرض، تأسست في 1 يوليو عام 1862 حسب مخطط أعده المعمارى الروسي باجينوف، وكانت أول مكتبة عامة حرة، في زمن الاتحاد السوفيتي اشتهرت بمكتبة لينين،لديها أكثر من 275 كم من الرفوف مع أكثر من 43 مليون قطعة، بما في ذلك أكثر من 17 مليون كتاب، 13 مليون مجلات، 350 ألف موسيقى وتسجيلات صوتية، 150000 خرائط، وتحوي اليوم على أكثر من 800 الف كتاب عن الاسلام ومجموعة نادرة من نسخ القرآن الكريم ومخطوطات فريدة منه، 3.5 ملايين نسخة من الكتب السرية والوثائق غير المنشورة.
وتُشير السجلات الداخلية لعام 2000 إلى أن عدد المتقدمين بطلبات اشترا ك يصل يوميا إلى 200 شخص، في حين يتردد عليها يوميا خمسة آلاف زائر،علما أن قاعات المطالعة تتسع لـ 2003 أشخاص، و يعمل في هذه المكتبة 140 من الإداريين والمستخدمين المتخصصين ،وتقوم الموظفات والعاملات منهن بتزويد الزائرين بما يقرب من 38 ألف كتاب يوميا بصفة إعارة داخلية فقط، إذ أن المكتبة لا تعير كتبا إلى البيوت، فضلا عن أن لها موقعا على شبكة «الإنترنت» يجعل الحصول على أي من محتويات المكتبة أمرا في متناول اليد.

بداية فكرتها وبناؤها:
بداية فكرتها وبناؤها جاء من العاصمة الثقافية سانت بطرسبرغ، يرجع الفضل لفكرة بناؤها للكونت نيكولاي روميانتسيف راع الفنون ومجمع للمخطوطات والكتب والقطع النقدية القديمة أحد الشخصيات البارزة فى عصر الإمبراطوية الروسية (وزير الخارجية أثناء الحرب مع نابليون1812 ، وبعد وفاته ، طلب شقيقه من الإمبراطور نيقولاى الحصول على إذن لإنشاء متحف، وفى 23 نوفمبر 1831، فتح أول متحف مملوك للقطاع الخاص متاح للجمهور أبوابه في قصر روميانتسيف في مدينة سانت بطرسبرغ وكان رائجًا للغاية، وفي عام 1861 تقررنقل المتحف إلى موسكو لوجود الكثير من المكتبات فى مدينة سانت بطرسبرغ، وكانت موسكو تفتقر إلى مؤسسة مماثلة، وكانت المكتبة تقع في وسط موسكو، حيث تم تأسيسها أولاً في الدار العريقة “باشكوف”، المبنى الرائع من القرن الثامن عشر الكلاسيكي المشيد على الهضبة المقابلة للكرملين و التي صممها المعماري الروسي فاسيلي باجينوف .

بعد نجاح الثورة البلشفية
عام 1918 تم اتخاذ قرار بوضع المكتبة تحت رعاية الدولة مباشرة والعمل على توسيعها ومنذ عام 1925 حتى عام 1992 كانت تعرف بـ “مكتبة لينين العامة” ،وانشئت في المكتبة أقسام خاصة ومتحف للكتب

خلال الحرب الوطنية العظمى 1945-1941
تم إجلاء محتويات المتاحف والمكتبات العامة إلى مناطق بعيدة تحسبا لغارات سلاح الجو الألماني أو لسقوط موسكوكإحتمال لم يكن مستبعدا آنذاك ظلت مكتبة لينين المكتبة الوحيدة العاملة في موسكو، وتحولت إلى ما يشبه مختبر معلومات للمؤسسات الحكومية وهيئة الأركان والقيادات السياسية. إذ واظب طاقم العاملين في المكتبة على توفير كل ما يلزم من دراسات وأبحاث ومعلومات وخرائط.، وذلك ماعدا قسم منها يحتوي على مطبوعات نادرة وقيمة للغاية، واستغرقت عملية انشاء واستيعاب مبنى جديد للمكتبة طيلة الفترة ما بين عام 1930 وعام 1960 .
بعد تفكك الإتحاد السوفيتى
أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 29 ينايرعام 1992 مرسوما بتحويل اسم مكتبة لينين إلى المكتبة الوطنية الروسية.
أقسام المكتبة:

تتألف المكتبة من أقسام عدة منها قسم المخطوطات، وفيه أكثر من 550 ألف مخطوطة، منها ما يعود تاريخه إلى القرن السادس الميلادي، بالإضافة إلى عدد من المخطوطات العربية واليابانية المكتوبة على أوراق الرز، وتتضمن المكتبة قسماً متخصصاً بالمخطوطات الهندية المزخرفة ومجموعات من المخطوطات الفارسية والكردية، وأيضاً: قسم المطبوعات الثمينة والنادرة، قسم المطبوعات والرسومات، قسم الأطلس والخرائط، قسم الكتب والمطبوعات، قسم المجلات، قسم الجرائد، قسم السلاسل المتنوعة، قسم النوتات الموسيقية والتسجيلات الصوتية (منها ما يعود تاريخه إلى القرن الخامس عشر الميلادي(،قسم الوثائق والمستندات، قسم الكتب السرية والوثائق غير المنشورة، قسم الميكروفيلم والأشرطة والأسطوانات، قسم المطبوعات الحربية والعسكرية، قسم الآداب الشرقية (موزعة على 160 لغة من لغات شعوب آسيا وأفريقيا) ، ويعتبر هذا القسم الأثمن والأكبر في روسيا والاتحاد السوفييتي السابق، وهو متنوع المواضيع والعصور التاريخية، ويضم عدداً من المؤلفات والكتب الثمينة والنادرة.
نشاطات المكتبة الوطنية الروسية:

تولي المكتبة عناية خاصة بالنشاطات الادبية والفكرية والعلمية، إذ دأبت على استقدام كبار الباحثين والمبدعين والفنانيين الروس والاجانب للمشاركة ببرنامجها الثقافي السنوي، وتقيم عددا من معارض الكتاب ، منها معرض الكتاب العربي. فضلا عن تقديم الخدمات للباحثين والزائرين، تعمل المكتبة الوطنية الروسية منذ عدة سنوات على إنجاز عدة مشاريع وطنية عملاقة، كمشروع “ذاكرة روسيا” الذي يقوم بموجبه طاقم من كوادر المكتبة والمتخصصين والعلماء بالبحث والتنقيب عن كل ما هو مكتوب أو مسجل أو مصور بهدف ترتيبه وحفظه وفهرسته، بينما يقوم طاقم آخر من المتخصصين بتجميع وثائق الدولة الروسية لترميمها وتجليدها وفهرستها وبمبادرة من مكتبة روسيا الوطنية تأسست “منظمة المكتبة الاورو اسيوية” لاستعادة العلاقات وزيادة حجم التبادل المعلوماتي والثقافي بين مكتبات رابطة الدول المستقلة،وهى أيضاً على تواصل دائم مع مثيلاتها في العالم، بما في ذلك المكتبات الموجودة فى الوطن العربى.

تفتح المكتبة الحكومية الروسية أبوابها للرواد كل يوم من الساعة التاسعة صباحاً وإلى الثامنة مساءً.
3 comments