كانت الحضارة المصرية القديمة دوما ملهمة لشعوب العالم، بما حققته من إنجازات وما توصلت إليه من أفكار وعقائد، وكما يقال “أن مصر دائما تغزو غازيها”، فثقافتها وحضارتها وفنونها تتغلغل في ثقافة الغازي وتمصّرها فمصر كانت ومازالت محط أنظار العالم والباحثين والعلماء..الذين طالما إهتموا بأولئك الذين بنوا حضارة عظيمة استمرت لأكثر من 7000 سنة ، فنجد عشرات الأعمال الفنية التي استلهمت قصصها، وأزياءها ،وعمارتها من تاريخ الفراعنة خصوصا بعد حملة نابليون على مصر سنة ١٧٨٩ م والتى أدت إلى إعادة الاهتمام بالحضارة المصرية و جاء ذلك عقب فكّ العالم الفرنسي شامبليون لرموز حجر رشيد، والتعرف على الكتابة الهيروغليفية، التي فتحت الباب على مصراعية لاكتشاف أسرار هذه الحضارة

وقد كان الروس من أوائل الشعوب التى اهتمت بمصر و بالحضارة المصرية منذ اعتناقهم الديانة المسيحية على يد الأمير فلاديمير عام ٩٨٨ (أمير كييفسكايا روس) ، فمنذ ذلك العهد اهتم الروس بالمعطيات والآثار التاريخية والدينية والثقافية وعادات وأعراف الأقوام الواردة في التوراة والإنجيل،واستخدم المبدعون الروس نموذج مصر في ثقافتهم للتأكيد علي أفكارهم الأساسية فيما يتعلق برؤيتهم للعالم المحيط في هذه الحقبة الزمنية
فى مطلع القرن ال ١٨ حيث زاد الاهتمام الذى تجلى واضحاً ، ففى ذلك الوقت كانت زخارف الفن المصري منتشرة فى عاصمة الامبراطوية الروسية سانت بطرسبرج،ً فمن يزور سانت بطرسبرج يجد قاعة رئيسية كبيرة داخل واحداً من أهم المعالم السياحية فى سانت بطرسبرج فى متحف الاريميتاج (القصر الشتوى ومقر الحكم ومكان إقامة القياصرة سابقاً) مخصصة فقط لعرض قطع من الآثار المصرية ، وترى تمثالا كبيراً لأبو الهول الأسطوري و قد أخذ مكانه على مطلع أحد أهم الكبارى في سانت بطرسبرج ، وتشاهد البوابة المصرية المنقوش عليها بالهيروجليفية عند مدخل مدينة بوشكين أو كما أطلق عليها الروس ” مدينة تسارسكوي سيلو سابقا” ،والتى كات المقر الصيفى الامبراطورى والتى تقع على بعد 25 كم من مدينة سانت بطرسبرج ، و كانت تسمى” تسارسكوي سيلو ” حتى عام ١٩١٨ ، ثم اطلق عليها اسم بوشكين الشاعر الروسي العظيم في الذكرى المئوية لوفاته فى عام ١٩٣٧.

البوابة المصرية فقد بدأ بناؤها على مدخل المدينة “مدينة بوشكين” تسارسكوي سيلو سابقا” في عام ١٨٢٧ من قبل المهندس الإنجليزي مينلاس جنبا إلى جنب مع المبدعون الروس خريجى أكاديمية الفنون ، كالفنان إيفانوف والنحات ديموث مالينوفسكي والفنان دادونوف الدويتو الإبداعي ، الذين رسموا وصنعوا نماذج من الهيروغليفية للحديد الزهر
في نفس الوقت تقريباً ، بدأ العمل في حفر أساس البوابة، كان أصعب من الناحية الفنية هو تصنيع ألواح الحديد الزهر المواجهة ، والتي أعادت إنتاج مشاهد من الأساطير المصرية القديمة، أكثر من 37 مشهدًا مخصصًا لأسطورة أوزوريس وإيزيس ، وكذلك العالم السفلي ، لا يزال يزين البوابات المصرية على الجهة اليمنى من البوابة

واليوم تعد مدينة بوشكين ” مدينة تسارسكوي سيلو واحداً من المعالم السياحية الأكثر إثارة للاهتمام بالقرب من سانت بيطرسبرج بسبب تاريخها الفريد نوعا ما، والهندسة المعمارية، والمناظر الطبيعية ، والقصور الجميلة الرائعة والتى يوجد به غرفة كاملة من الكهرمان والتى تدور حولها قصص كثيرة مذهلة هذا بالاضافة الى موقعها الفريد على الطريق الرئيسى إلى موسكو ، وهي جزء من مواقع التراث العالمي اليونسكو.
إن فترة نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر شهدت ازدهارا للفن المصرى القديم حيث استخدمت الرموز المقدسة للمصرى القديم فى تزيين المبانى والمنازل والأوانى والأثاث وغيرها، وقد ساهم كتاب (وصف مصر) الذى بدأ إصداره فى 1809 واستمر على هيئة سلسلة من الكتب حتى عام 1826 من أهم مصادر الإلهام لتلك الفنون والتى لاقت رواجًا كبيرًا خلال تلك الفترة.
One comment