من يقرأ الأدب الروسي يلاحظ وجود حيوانات لعبت دوراَ مهماً فى القصص والحكايات الروسية ،فتجد القطط التى كانت تمثل المكر و الحكمة،و الكلاب التى ارتبطت بالتفاني ونكران الذات، والحصان الذى مثّل التواضع والرحمة، وأيضاً فى عصرنا الحاضر كانت شخصية الدب الذى ظهر مع الطفلة “ماشا” و الذى يُعلم الأطفال معنى الصداقة الحقيقية ،هذا وتعتبر بعض الحيوانات هى الأكثر تفضيلاً في كل الأزمان والأقرب إلى الإنسان، وارتبط كل منها بصفات معينة تناقلتها الكتب والكتّاب الروس موقنين بأن الحيوانات لها وقعاً كبيراً على نفوس القراء، فبمساعدتها استطاعوا الكشف عن بعض الطبائع البشرية المختلفة، فى السطور التالية سنعرض أبرز القصص التي إرتكزت على الحيوان كبطل رئيسي ومحرك أساسي في القصة:
1. الحصان فى قصة للكاتب ليف تولستوي ، الحصان القديم :

“خولستومير” إسم الحصان العجوز فى قصة تولستوي الذى يحكى قصة حياته إلى خيول أخرى قبل مماته، لقد انتقل من مالك إلى آخر وعانى كثيراً من البؤس والشر والظلم، لكنه تعلّم أن يشعر بالأسف على الآخرين ويتذكر خولستومير أحد مالكيه السابقين، جندي في وحدة أوروبية، الذي كاد أن يقود الحصان إلى حتفه،خولستومير يتحدث عنه بإعجاب ومحبة ويرى أن الوقت الذي أمضاه مع سيده هذا كان من أفضل أيام حياته، لقد أنّسن ليف تولستوي الحصان وأعطاه صفات بشرية ذات موضع تقدير عال التواضع والرحمة والتفاني في خدمة الشعب، بالإضافة إلى أن تلستوى قدم تحليل دقيق لما يشعر به الرجل العجوز في نهاية حياته.
2.الكلب فى قصة للكاتب أنطون تشيخوف ، كاشتانكا:

توجد قصة أخرى مشهورة نهايتها سعيدة تدور حول كلبة صغيرة ، ففي قصة قصيرة عنوانها “كاشتانكا” يكتب أنطون تشيخوف عن كلبة صغيرة تائهة في الشوارع يعثرعليها مدرب في السيرك يعاملها المدرب، بشكل جيد ويعلمها الألعاب المختلفة، لكن خلال أول عرض لها أمام الجمهور، يتعرف عليها مالكوها السابقين، نجار فقير جاء مع إبنه لحضور العرض، كانا يعاملان الكلبة “كاشتانكا” بقسوة ولا يطعمانها بشكل جيد، لكنها اندفعت نحوهما، تاركة خلفها حياة الشبع من دون تردد، لتثبت مرة أخرى للقراء أن إخلاص الكلاب ليس له حدود.
3. القط فى ميخائيل بولجاكوف ، المعلم ومارجريتا:

أكثر القطط سحراً في الأدب الروسي هو قط بهيموث (بجموت) ،الذي كان يتحول إلى رجل سمين ، لقد كان هذا القط مساعداً لشخصية مهمة ” في رواية ميخائيل بولجاكوف “المعلم ومارغريتا”، فولاند – حاكم القوى الشريرة ، يظهر بهيموث (بجموت) المهرج و المخادع للقراء بصورة مضحكة “قط ضخم كخنزير، أسود كغراب مع شوارب فارس يائس، ويمشي على رجليه الخلفيتين، في لحظة ما كانت هذه الشخصية الهزلية تجلس على أريكة عثمانية ، ممسكاً كأس فودكا بمخلب واحد ، في صورة أخرى كان بهيموث (بجموت) يتأرجح على ثريا، مع مسدس بيده عندما كانوا يحاولون إلقاء القبض عليه.
4. ” القط بايون ” فى قصيدة ألكسندر بوشكين ، روسلان ولودميلا:

يظهر قط آخر شهير بالأدب الروسي في مقدمة قصيدة “روسلان ولودميلا” للشاعر ألكسندر بوشكين ، حيث يُقيّد هذا القط بسلسلة ذهبية إلى شجرة بلوط ،ويستمرالقط بالدوران حول الشجرة مؤلفاً قصصا رائعة عن حوريات البحر، وكوخ قائم على أقدام دجاج، استلهم بوشكين هذه القصيدة السحرية من الفلكلور الروسي القديم، حيث تعود شخصية “القط المتعّلم “إلى شخصية مشهورة جداً في الحكايات الخرافية الروسية القط بايون.
5. الكلب فى قصة للكاتب إيفان تورغينيف، مومو:

إذا كانت القطط تمثل المكر والحكمة، فإن صورة الكلاب في الثقافة الروسية ترتبط بالتفاني ونكران الذات ، وأكثر شخصيات الكلاب شهرة في الأدب الروسي هي الكلبة “مومو” في قصة للكاتب إيفان تورغينيف، إنها قصة حزينة عن عبد أصم وأبكم اسمه ” جراسيم “، وهو رجل طويل ذو بنية قوية منعزل منطوى على نفسه ،لكنه تعلق بكلبة صغيرة عثر عليها مصادفة، طلبت منه التخلص عشيقته التخلص من الكلبة العشيقة، التي كان يخدمها، وأُجبر غيراسيم على إغراق أكثر مخلوق أحبه ، وكانت مومو تحب سيدها، وحتى عندما وضع الأنشوطة مربوطة بحجرتي طوب حول رقبتها لإغراقها، كانت مومو تراقبه بثقة كبيرة ومن دون أي خوف، وتهز ذيلها.
6. الدُب للكاتب والمصور السينيمائي أوليج جيناديفيتش،ماشا والدب:

فى عصرنا الحالى ظهر المسلسل الروسي “ماشا والدب “، للكاتب والمصور السينيمائي “أوليج جيناديفيتش كوزوفكوف ” المبني على القصص الشعبية الروسية ،والذى تلعب فيه البنت الصغيرة “ماشا” دور الفتاة التى لا تعرف الراحة وهي بالكاد تستطيع أن تبقى بلا حراك ، فهى تعشق التجربة والتفاعل مع كل ما يقع تحت يدها ،ومعها الشخصية الرئيسية “الدب” أو كما ينطق بالروسية ميدفيد ، الذى يعدُّ أخلص صديق لماشا ، فهو يرعاها كوالديها، وهو دب بني كبير تقاعد عن العمل في السيرك مسبقًا، كما أنه يمتلك العديد من الحلول التي تساعده على تجاوز أي مشكلة تقع بها ماشا ،وهنا ماشا والدب يعلما الأطفال الصداقة الحقيقية، والرعاية، وحرية الإبداع،المسلسل هو من إنتاج شركة “أنيماكورد” الروسية ، وأصبح الآن ظاهرة عالمية، فقد تمت ترجمته إلى ٤٢ لغة، وتم عرضه في كل أنحاء العالم .