كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي للمرأة فى الثامن من مارس ، لكن هذا اليوم في روسيا له مكانة خاصة ،فهو أحد أكثر الأعياد المحبوبة والتى يحتفل بها الشعب الروسي على نطاق واسع، بإعتباره تقليداً شعبياً يهنئ فيه الرجال أمهاتهم وزوجاتهم وأخواتهم وزميلاتهم فى العمل،وفي كل عام يتحوّل عيد المرأة العالمي إلى تظاهرة شعبية ،منذ أن احتضنه الشعب السوفيتي في مطلع القرن الماضي، وتوارثته الأجيال في روسيا على مر العقود، حيث يعبّر فيه الرجال عن تقديرهم لدور المرأة في المجتمع، ولا يمكن لأي رجل تجاهله وإلا لن ينجو من العتاب، لكن من جاء بفكرة الاحتفال بهذا اليوم ، ولماذا في الثامن من مارس؟ وماذا عن اليوم العالمي للرجل؟ فى السطور التالية نستعرض أصل الحكاية فى العالم وكيف يحتفل الشعب الروسي بهذا اليوم
بداية ظهور اليوم العالمي للمرأة:

تعود فكرة يوم المرأة العالمى إلى الناشطة في الحركة العمالية الألمانية والدولية “كلارا زيتكين”، حيث احتفلت الولايات المتحدة وفقا لإعلان الحزب الاشتراكي الأمريكي، تم الاحتفال بأول يوم وطني للمرأة في الولايات المتحدة في 28 فبراير 1909 ، وظلت المرأة تحتفل بهذا اليوم كل آخر يوم أحد من ذلك الشهر حتى عام 1913، وبعد عدة سنوات اشتعلت الاحتجاجات النسائية في روسيا من أجل الخبز والسلام، وهو ما غيّر تاريخ الاحتفال بيوم المرأة العالمي، ليصبح في الثامن من مارس، وهو اليوم الذي منحت فيه الحكومة المؤقتة حينها المرأة الروسية حقها في التصويت عام 1917،ومنذ ذلك الحين، أخذ يوم المرأة بعداً عالمياً جديداً بالنسبة إلى المرأة في البلدان المتقدمة والبلدان النامية على حد سواء.

وظهر هذا العيد بداية بمثابة احتفال سياسي يرمز لنضال المرأة حول العالم من أجل حقوقهم، والحصول على المساواة مع الرجل ونيل الديمقراطية وحرية الاختيار والعيش بسلام، لكن مع مرور الزمن تراجعت الدوافع السياسية لهذا العيد وأصبح مجرد عيد اجتماعي وإنساني للتعبير عن تقدير المرأة والحب لها، وأصبح عيد المرأة العالمي عطلة رسمية في روسيا منذ العام 1966، واستمر كذلك حتى بعد تفكك الاتحاد السوفيتي.
لماذا 8 مارس؟

في عام 1975 ، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 8 مارس يومًا للاحتفال بإنجازات المرأة في جميع مجالات الحياة والاحتجاج على بقايا عدم المساواة.
هل يوجد يوم عالمي للرجل ؟

في روسيا من المعتاد تهنئة الرجال والشباب في يوم 23 فبراير رسميًا ، هذا هو يوم المحاربين القدامى في القوات المسلحة الروسية، ولكن في الوعي الجماهيري ، يُنظر إليه تقليديًا على أنه يوم جميع الرجال بالطبع، وهو عيد مهم جداً لدى الشعب الروسي.
كيف يتم الاحتفال بعيد المرأة في روسيا ؟

يوم الثامن من مارس هو عطلة رسمية في روسيا وغيرها من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، وغالباً مايحتفل بهذا العيد الربيعي الجميل ضمن نطاق الدائرة الأسرية مع وجبة احتفالية يقوم الرجال بتقديم الهدايا لإمهاتهم، زوجاتهم، جداتهم، أخواتهم، بناتهم أو حتى من الممكن لزميلاتهم في العمل أو الدراسة، ويوجد بعض الرجال ممن يحبون التعبير عن امتنانهم بطريقة مختلفة، حيث يقومون بدلاً من النساء ببعض الأعمال المنزلية بدءاً بغسل الصحون وانتهاءً برعاية الأطفال، فيقدمون يوم من الراحة والنقاهة للمرأة حيث يمكن أن تحتفل بيوم كامل من الهدوء.
وتعرض وسائل الإعلام الروسية السير الذاتية لنساء بصمن التاريخ الروسي وشهد لهنّ العالم أجمع بالفرادة والتفوق، كالأمبراطورة “كاترينا العظيمة”، التي حكمت روسيا بين العامين 1762 و 1796، ورائدة الفضاء الروسية فالنتينا تيريشكوفا، التي كانت أول امرأة تصعد إلى الفضاء في العام 1963، وفيرا موخينا، التي تعد واحدة من أعظم النحاتين في العالم، والشاعرة الروسية الخالدة أنا أخماتوفا، وعالمة الرياضيات الشهيرة صوفيا كوفاليفسكايا، وغيرهن من النساء الخالدات.
الهدايا التي تقدم للمرأة الروسية فى هذا اليوم:

-الزهور: هي الهدية الأكثر شعبية، وغالباً ماتكون التوليب أو الورود الجورية الحمراء أو الميموزا الصفراء (نوع من الزهور الصفراء الكروية الصغيرة، ينمو على ساحل البحر الأسود)، وهي هدية مثالية للمرأة الروسية فى هذا اليوم ،وليلة الاحتفال بهذا اليوم، يتوافد الرجال بشكل يثير الانتباه على محلات بيع الورود التي تجد أمامها طوابير من الاشخاص ينتظرون دورهم لاقتناء باقة من الورد
-علب الشوكولاته: الشوكولاته اللذيذة المغلفة بطريقة جميلة، مع بطاقة مكتوب عليها بضعة أسطر من الشعر
-العطور ومستحضرات التجميل :وهي أيضاً خيار رائج، والقائمة تطول وصولاً للمجوهرات (طبعاً بحسب مكانة المرأة بالنسبة للرجل.
لا شك أن المرأة الروسية أثبتت على مر العصور، قدرتها على تجاوز الصعاب والتغلب على التحديات، وهي لم تتوان في النضال من أجل خدمة قضايا أمتها، على قدم المساواة مع الرجل، وظلت محافظة على دورها داخل الأسرة، من دون أن تتنازل عن مشاركتها الفاعلة في بناء مجتمع يليق بثقافة روسيا وتاريخها، لتنحت تاريخاً خاصاً بها، أصبح مدعاة فخر للأمة الروسية في شتى العلوم والميادين ، وعلاوة على دورها المميز داخل الأسرة، وتحملها أعباء تربية ورعاية الأبناء، والاهتمام بأمور البيت، تضطلع المرأة الروسية بدور مميز في المجتمع، من خلال نشاطها وحضورها الوازن في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن حضورها الثقافي الفريد.