يستقبل الملايين من مسلمي روسيا بشغف شعائر شهر رمضان الكريم،فهم يعتبرونه فرصة ثمينة من أجل تثبيت دعائم الدين،ولتحقيق التقوى وتهذيب الأخلاق والقيام بأعمال الخير،ففى الوقت الحاضر يعتبر المسلمون في روسيا هم الديانة الأكبر بعد الديانة المسيحية الأرثوذكسية،حيث يصل عدد المسلمين إلى حوالى 25 مليون مسلم،حيث تضم روسيا العديد من الأقاليم التى يدين أهلها بالإسلام خاصة في جمهوريات شمال القوقاز:كالشيشان وداغستان وإنغوشيتيا،وكابردينا بلكاريا،وكاراتشايفا وتشيركيسا،بالإضافة إلى جمهوريتي باشكورستان وتاتارستان،ويعيش نحو ثلاثة ملايين مسلم في العاصمة موسكو،أكثرهم من المسلمين السنة من أتباع المذهبين الحنفي و الشافعي ،ويحرص مسلموا روسيا فى هذا الشهر الكريم على إرتياد المساجد التي يزيد عددها على ثمانية آلاف مسجد فى روسيا،لأداء الصلوات والدعاء،والإفطارالجماعى،وممارسة حياتهم اليومية الطبيعية دون أي تغييرفي مواعيد العمل أوالإجازات،على عكس ما يحدث في معظم الدول الإسلامية،ويعتبر شهررمضان بالنسبة لمسلمي روسيا أفضل شهورالعام،وهم لا يختلفون في ذلك عن غيرهم من المسلمين،فهم يجدون في الإمساك عن الطعام والشراب صحة للبدن وطهارة للروح.

وبالرغم من اختلاف العادات والتقاليد في مجتمع متعدد الأعراق والقوميات، يحرص المسلمون الروس في هذا الشهر الكريم على أداء الصلوات في المساجد خصوصاً صلاة التراويح،وتختلف الأجواء الرمضانية في روسيا من جمهورية لأخرى بإختلاف طول فترة الصيام فيها،والتي قد تمتد لأكثر من 20 ساعة فى مدينة مثل مورمانسك الواقعة على الساحل الشرقي لخليج كولا،وهي أطول فترة في العالم، وتقوم المساجد الرئيسية الروسية بختم القرآن الكريم على مدار الشهر الكريم، مما يجعل من هذا الشهرعيداً يمتد على مدار ثلاثين يوماً.

وعشية حلول شهر رمضان المبارك في روسيا يزداد النشاط الشبابي على شبكات التواصل الاجتماعي من خلال تشكيلهم مجموعات متخصصة يتبادل فيها الأعضاء نصائح وإرشادات الصيام،ويعلنون فيها عن الفعاليات المختلفة والإفطارالجماعي فى”الخيم الرمضانية” والتي انتشرت في الأماكن المجاورة لمساجد روسيا في السنوات الأخيرة،حيث يتردد على كل خيمة ما بين 100- 1000شخص يوميا من المسلمين وضيوفهم من غير المسلمين ،يتولى تنظيمها مجلس المفتين الروس مع السلطات المحلية،ويتم تقديم مأكولات شعبية تشتهر بها الأقاليم الروسية المسلمة،فضلاً عن تنظيم مسابقات للأطفال في حفظ القرآن الكريم،وتعتبر صلاة التراويح في المساجد شيئا مقدسا لدى الكثيرمن أبناء المسلمين في روسيا،فمع تأخرالوقت وقلة الأماكن لصغرالمساجد إلا أنها تستقبل يوميا عشرات الآلاف ما يجعل الشوارع المجاورة تكتظ بالمصلين الذين جاؤوا من كل حدب وصوب،ويصلي المسلمون الروس صلاة التراويح كل يوم عشرون ركعة،وعدد المصلين يزيد كل رمضان،وتشارك العديد من الدول العربية والإسلامية في إقامة مثل هذه الموائد عن طريق البعثات الدبلوماسية مما يشعر المسلم الروسي بعمق الروابط بينه وبين باقي شعوب العالم الإسلامي.

وليست المساجد فقط هي التي تحتفي بقدوم شهررمضان المعظم،ولكن أيضاً فى داخل المنازل فمن العادات المنتشرة بين مسلموا روسيا هى دعوة الإمام أو قارئ للقرآن على الإفطارإلى المنزل،وهي عادة ارتبطت بهذه الشعوب على اختلاف قومياتهم وأعراقهم،ومن الضرورة أن يترافق مع ذلك الدعاء وقراءة جميع الحاضرين لبعض آيات من القرآن الكريم للبركة والتبرك بغض النظرعن العمر،ومع الشاي يلقي الشيخ موعظة أو درسا مما يترك أثرا طيبا في المدعوين كما يساعد على تحفيز غير المتدينين إلى الالتزام بالتعاليم الاسلامية.

وعلى صعيد الأكلات والمشروبات الرمضانية في روسيا، فيوجد منها العديد مثل: مشروب الكمبوت وهو مجموعة من الفواكه المجففة المنقوعة فى الماء،ولكون أن نهارالصائمين في روسيا طويل، فإن أول ما يتمناه المرء هو إرواء العطش لديه،ولا يكون ذلك إلا بالكمبوت اللذيذ،وبعدها يتناول الصائمون أنواعاً مختلفة من السلطات مثل: سلطة فينيجريت الروسية المعدة من البنجرالمسلوق مع البطاطس والبازلاء،وسلطة أوليفيه الروسية الشهيرة، ثم تأتي الوجبة الرئيسية من اللحوم والأسماك،وكذلك المحاشي من كوسا وبندورة وباذنجان، وأيضا البط المحشي بالتفاح الحامض مع المكسرات،إلى جانب شتى المأكولات المصنوعة من العجين والفطائر الروسية، والتي تعتبر بحد ذاتها وجبة دسمة،وفي العزائم والزيارات يعدون بعض الحلويات مثل: كيك العسل،أوتشاك-تشاك )خبز مسطح مملوء بالبخار يتم تخميره في شراب العسل،وغالبا ما يزين بالفواكه المجففة والمكسرات(،وهوالطبق الوطني لتتارستان.

كل هذا يخلق من هذا الشهرعيداً يمتد على مدار الشهرالكريم.